فيصل الحجي (كتيبة من الرجال)

عرفته عن قرب منذ ما يدنو من الخمسة عقود، زميلا محل اعتزاز ، وصديقا محل افتخار، و قامة قيادية بارزة محل إقتداء.

  المؤتمر الثالث  للاتحاد الوطني لطلبة الكويت سنة 1968، كان بوابة معرفتي  اللصيقة به ، مشبعا بحيوية الشباب و غزارة التأهيل الأكاديمي والنضج التنظيمي و النقابي، ذو قدرة فائقة على التعبئة الوطنية وحشد الجهود نحو  بناء كويت الاستقلال و الديمقراطية و المستقبل الواعد.

توطدت علاقتنا بشكل أكبر من خلال رئاسته  لمجلس إدارة (جمعية الخريجين)  الذي كنت عضوا فيه عام 1973 ، ليتواصل عطاؤنا المشترك مع زملاء درب و قامات تعتز بهم ذاكرتي  أمثال عبدالله الطويل والراحلين : فيصل المشعان و مبارك المطوع و عبد العزيز القندي ، وعيسى العصفور وناصر عبدالمجيد الصانع ، وغيرهم من رجال ونساء تلك المدرسة  الجامعة الذين وضعوا بصماتهم الواضحة في ميدان العمل الوطني  النزيه  و ترسيخ قواعد العمل التطوعي في مؤسسات المجتمع المدني .

 

 قاد  عبر جمعية الخريجين إنجازات مجتمعية هامة، لعل أبرزها عقد ندوتين متفردتين ثقافيا وسياسيا  على مستوى الوطن العربي،  (أزمة التطور الحضاري  ) وندوة ( فلسطين العالمية )، حيث اجتمعت لهما على أرض الكويت نخبة العقول العربية، وتركتا آثاراً لاتزال تتردد في الأوساط الفكرية والسياسية حتى يومنا هذا.

 

 نجاحاته  استندت على إرث شخصي يتسم به الرجال النوادر، ويقوم على التواضع و التفاني في العمل و محبة الناس و سعة الصدر و الأفق و القدرة الفائقة على تعزيز الصداقات و استقطاب الخصوم.  

 

يثنيك عن رأيك بالحجة و البرهان و الدليل دون عناء، ويتقبل الانتقاد دون ضجر، ويتكأ على ذاكرة متوقدة، تعينه دوما على الحضور الذهني و التميز في الأداء.

 

أبدع في دروب الحياة و مواقع المسؤوليات الهامة التي تقلّدها بدءاً من وزارة الخارجية  كواحد من تلامذة مراحلها الأولى بقيادة أمير الدبلوماسية ( صاحب السمو الأمير) خلال فترة صُقِلَت فيها مواهبه وتفتحت قدراته ، وتدرج فيها  حتى أصبح سفيرا لبلاده في (مملكة البحرين) ليتابع بعدها مسؤولياته التي تألق فيها جميعا ، وكيلا ووزيرا ونائباً ومستشاراً لرئيس مجلس الوزراء ، ولم تزده تلك المواقع إلا تواضعا و قربا  من الجميع سواء ممن اتفق أو اختلف معه .

 

زاملته رئيساً لمجلس أمناء(رحلة الأمل) خلفاً للأخ الكبير المرحوم (برجس البرجس)، فكان خير أمين على مسؤولياته الإنسانية  في ذلك المشروع الحضاري الوطني الذي نفاخر به جميعا.

 

لم ينل المرض العضال الذي داهمه خلال الثلاث سنوات الماضية  من عزيمته و لم يضعف في مواجهة (الابتلاء) متسلحاً بالإيمان  والتفاؤل بالغد الأفضل، متوكلاً على ربّه ومتكأً على دعوات محبيه، وسيرته الصالحة وحسن علاقاته بالآخرين.

 

(فيصل محمد الحجي )( أبا هيثم) كتيبة من الرجال في رجل واحد، أجمع كل من عرفه على محبته واحترامه، وزرع بصماته المشرقة في جنبات وطنه الذي اعتنقه و أخلص له، نسأل الله له الشفاء الناجز.

 

يوسف عبد الحميد الجاسم

29-4-2016