دروس ترامبيه



ليس مفاجئا القرار الرئاسي الأميركي الذي وقعه الرئيس ترامب الأسبوع الماضي، والخاص بمنع المسلمين من ستة دول عربيه زائدا إيران ،  من دخول الأراضي الأميركية حتى وإن حملوا فيزا صالحة لزيارة الولايات المتحدة أو الإقامة فيها.

السبب بعدم الاستغراب هو أن نجاح دونالد ترامب بمقعد الرئاسة الأمريكية استند على شعاره   (أمريكا أولا) وما اتصل به من روح وأنفاس عنصرية وإقصائية للآخر (غير الأميركي) تستهدف العرب والمسلمين أولا ثم باقي البشر، وترمي لاستعادة أمجاد الولايات المتحدة التي أهدرها بنظره من سبقه من رؤساء وآخرهم أوباما وحقبته  الديمقراطية التي امتدت لثمان سنوات المنصرمة.

                                                      
ولعل هذا القرار الصادم المبكر أتاح الفرصة لمجموعة من الحقائق والدروس أن تَمْثل سريعا أيضا أمام الجميع وهي:


*
إن شعوب الدول الفاشلة هي الضحايا المباشرة لغباء وتخلف  سياسات حكوماتها ونخبها الفكرية المرتبكة وأنظمة تعليمها الفقيرة وأوضاعها المعيشية البائسة التي تدفعها للهجرة والفرار إلى نعيم الغرب.

*
تفريخ الإرهابيين وتوليد الروح العدائية والإقصائية تجاه الآخر التي زرعها ولا يزال يزرعها الفكر المتشدد دينيا  أو قوميا أو عرقيا بعقول الناس لا يمكن إلا وأن تصطدم برد فعل معاكس لدى الآخرين حماية لأنفسهم وبلدانهم التي تنتج حكومات بل وحكام من طراز ( دونالد ترامب) ليرأسوا الدول الأعظم في العالم والأكثر قدرة على المواجهة التي لا تعتمد على السيف والخنجر والحزام الناسف بل على العقل والحجة والتفوق العلمي والسياسي والاقتصادي  والعسكري.

*
انكشاف الدول الفاشلة السهل أمام أي قرار تتخذه الدول العظمى وخاصة الولايات المتحدة، حيث يتبين  مقدار اللاحول ولا قوة لديها إلا  القدرة على الصراخ والعويل أمام عنجهية الدول القادرة بقوتها الشاملة على مواجهة أي صراع يفرض عليها.


*
أفصحت ردات فعل الغرب ضد الجور الترامبي في قراراته الأخيرة، وخاصة المظاهرات والتحركات الشعبية والحقوقية داخل أمريكا وخارجها ، مقدار التصاق دول العالم المتحضر وإصراره  على قيم ومبادئ وثوابت الحرية والعدالة ونبذ الفرز العنصري والفئوي والديني   ضد الأمم والشعوب  الأخرى ولعل أبلغ دروس هذا الجانب إقالة وزيرة العدل الأمريكية التي اختلفت مع قرار رئيسها، و كذلك تحريك النائب العام الأمريكي لدعوى بطلان القرارات الرئاسية نظراً لتعارضها مع قيم ومبادئ ونصوص الدستور الأمريكي  .
*
مُلفت لنا الصمت العربي إزاء القرارات الترامبية، أو الاعتراضات الخجولة عليها، إما خشية من نفور الكاوبوي الأمريكي والبطش بمن يعترض من أمة العرب التي يزدريها أصلا ، أو لأن ممارس الشيء لا يعترض على مثله، حيث أوصدت غالبية الدول العربية الأبواب أمام دخول ذات الجنسيات المحظورة أمريكيا وإن كانت قراراتها طبقت بصمت ولم تفرق فيها بين مسلم أو غير مسلم.


*
ربما يؤدي هذا القرار الأمريكي الأهوج و الصادم إلى توسعة  دوائر أعمال الجماعات الإرهابية العربية و الإسلامية من الحروب البينية وتكسير الفخار للفخار، إلى استهداف العالم الغربي من خلال حروب مفتوحة تخلط الأوراق وتضع جميع العرب والمسلمين في خانة أعداء الغرب، فتتسع دوائر الضحايا من الشعوب المغلوبة على أمرها.
والله يستر من القادم.


-------
أستأذنكم باستراحة فبرايرية لأعود بعدها معكم في مارس بإذن الله، وكل عام وأنتم والكويت بخير بمناسبة أعيادنا الوطنية.


يوسف عبدالحميد الجاسم
&<634;&<632;&<633;&<639;/&<634;/&<635;