كلمة السيد يوسف الجاسم بندوة المرشح علي الخلف
 

كلمة السيد يوسف الجاسم

في ندوة المرشح السيد علي الخلف (29 يناير 2012)

قال تعالى : -

بسم الله الرحمن الرحيم

" أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن إن ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين "

صدق الله العظيم

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

( ما كان الرفق في شيء إلا زانة ...ولا نزع من شيء إلا شانه)

قبل سنة من الآن كتبتُ مقالةً في القبس عنوانها (أما آن لهذا الوطن أن يطمئنَ؟) وأجد أن معانيها تعيد نفَسها اليوم واسمحوا لي بقراءتها من جديد  فما أشبه يومُنا بالبارحة.

واُنوه بأنني لا أخص شخص أو جهة أو طرف فيما أقول وإنما خطابي موجه للجميع دون استثناء.

عشرون عاماً منذ أن تحررنا من ربقةِ الاحتلال.. ونحن نعيش حالةً من الاحتقانِ المتواصل والمتراكم، صراعاً وصخباً وتجاذباً وتطاحناً بين السلطةِ والحكومةِ من جهةٍ والقوى السياسيةِ وممثلي الشعب من جهةٍ ثانية، وبين النواب أنفسهم، من جهةٍ ثالثة ، وبين الكتابِ والمتحاورين بعضُهم بعضاً ، (أما آن لهذا الوطن أن يطمئن ؟ ) 

وأصبحنا في ساحات معاركَ مفتوحةٍ لا مجال فيها لهدنةٍ بين المتقاتلين وليس فيها سلاحٌ محرمٌ ، وأزماتنا واحدةُ تلدُ أخرى ، وكلما امتلأت نيرانُ احترابِنا حطباً قلنا هل من مزيد؟ وغدونا كطائرةٍ مختطفةٍ يمزقُ الركاب فيها أشلاء بعضهم بعضاً ولا ندري متى تهوي بنا إلى القاع...
( أما آن لهذا الوطن أن يطمئن؟ )

 عقدان من الزمان انقضيا ونحن نتسابقُ في صناعة الأزمات واختلاق الصدامات لعلها تُشفي غليل كلٍ منا نحو الآخر.. والكلُ منا يدعي امتلاك مفاتيح الحقيقة، ومغاليق الصدق، وصكوكِ الطهارةِ، ومعاني الوطنية.. وسواه ليس إلا عدماً أو سائراً نحو العدم..وكلٌ منا متربصٌ ومترصدٌ

للآخر وينصب له الشراك ، وليس هناك طرفٌ على ضفتي الصراع معفياً من هذه الصيغة العدمية...( أما آن لهذا الوطن أن يطمئن؟ )

عشرون عاماً منذ التحرير نجحنا فيها بامتياز بإفشاء اللغة المتوحشة فيما بيننا بدلا من إفشاء السلام وتميّزنا بالسعي لأن يلغي كلّ منا الآخر.. وأصبح من يجادل ويحاور بالحسنى متقاعساً وانهزامياً.. أما الانقياء والوطنيون فهم المتعاركون والنابشون في الأعراض والأنساب ومحاكمو النوايا ، والمتنابزون بالألقاب والمتسابقون على ساحاتِ السلم الأهلي ليحيلوها إلى مقابر جماعية لمخالفيهم في الرأي..
 
( أما آن لهذا الوطن أن يطمئن ؟ )

عشرون عاماً أحسنا فيها إضاعة فرص التنمية وأجدنا فيها التباكي على لبننا المسكوب.. وعلى تراجعنا وتقدم غيرنا أشواطاً وأشواطا.. كل هذا ولا نزال نحلم باقتباس جيراننا لنموذجنا الديمقراطي الذي طالما بشرناهم به، ولكن هيهات لهذا الحلم أن يتحقق... (أما آن لهذا الوطن أن يطمئن؟)

أقحمنا الدينَ والقبيلةَ والطائفة والعائلة في السياسة قسراً، واتخذناها وقوداً لنيرانِ حروبنا البينيةِ، فتصدعت قيمُنا ومفاهيمُنا الاجتماعيةَ المتوارثة أمام سطوةِ وقسوةِ وتوحش لغة الخطاب وانحدار فضائل الاختلاف، وتفشي إهدارِ الكرامات، وأصبحت الديمقراطيةُ لدى البعض هي رأيه ومعتقده، أما سواه فهو الخائن والبائس والمتخاذل.. وتوارت أمامَ هذه الفوضى القيمية معاني

 

التراحمِ والتواضعِ وإفساح الدرب أمام الرأي الآخر، فلم يعد رأيُنا صواباً يحتملُ الخطأ ورأيُ غيرنا خطأ يحتمل الصواب كما قال حكماء أمتنا.. بل قرر بعضهم أن رأيه هو الصواب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ورأي غيره هو الخطأ الذي لا يحتملُ الصواب...
(أما آن لهذا الوطن أن يطمئن؟)

الراحلُ الكبيرُ والغائبُ الحاضر أخي (المرحوم الدكتور أحمد الربعي) قال يوماً في عام 2003: الوطنُ بحاجةٍ إلى الرفقِ مثلما هو بحاجةِ إلى النقد والإصلاح والتقويم، أن نصلحَ بلدنا من دون أن نؤذيه.. وأن نجتث الدمامل التي تطفو فوق وجهه من دون أن يراقَ دمهُ المحرمُ علينا جميعاً.

آه يا أحمدُ رحمك الله وأراحك مما وصلنا إليه، فهناك من يصرّ على تقطيع أوصال الوطن محتجاً بحبه له، وأنه هو ومن بعده الطوفان!! ( أما آن لهذا الوطن أن يطمئن؟ )

أخواتي إخواني:_ ... هنا انتهت مقالةُ الأمس لتبدأ مقالتي إليكم اليوم ...

 علينا أن لا نيأس ... فالأوطانُ لا يبنيها اليائسون والمرتجفون والخائفون والمتباكون... بل هي تنهض على أكتاف أبنائها المتفائلين وسواعد رجالها ونسائها ذوي الهمة والحالمين بغدٍ أفضلَ.

 الشعبُ الكويتيُ ... حيٌ وحرُ منذ تكوينه الأول ... وهو انتفض قبل ما يقربُ من الشهرين ليضع حداً للمشهد العبثي لدوائر الصراع والاقتتال وحظائر الفساد والإفساد والمفسدين، ويطالب بحل مجلس الأمة والحكومة وإقامة عهد جديد بنهج جديد واستجاب قائدٌ المسيرةِ صاحب السموِ الأمير حفظه الله لنداءِ الشعبِ ، وترك لاختياراتِنا القرارَ ...فالفرصةُ التاريخيةُ أصبحت بين أيدينا ،

فإن أضعناها أصبحنا كمن نقضت غزلها بيديها ، وإن اغتنمناها رسمنا لبلدنا حاضراً أفضلَ من أمسِنا ... ومستقبلاً أفضل من حاضرنا فالشعوبُ الحيةُ هي التي تتعلم الدروسَ ، وتتجاوز الأزماتِ وتحدث التغييرَ...

v         نريد الديمقراطية في الكويت أن تستمرَ ؟؟؟ علينا إذاً التمسكَ بدستورنا وتطويرهِ نحوَ المزيدِ من الحريات والمبادئ الديمقراطية.

v         نريد التنميةَ أن تتحقق ؟؟؟ علينا إذا بتعاونٍ لا بتنافرِ السلطات كما نصَ على ذلك الدستور.

v         نريد النهوض ؟؟؟ علينا أن ننفض جميعاً غبارَ الاتكالِ على الهبات والعطايا ... والقفز السريع نحوَ الانجازِ ، وإثبات ذاتنا وقدراتِنا في الإنتاجِ والعملِ لا الاستهلاكِ والكسل ... فأدراجُنا ملأى بالدراساتِ والاستشارات والصرخات  القائلة بأننا أمةُ في خطرٍ ... وليس من سبيلٍ أمامنا سوى النهوض واللحاق بمن سبقنا ، فقطارُ الزمن لا ينتظر المتقاعسين.

v     نريد أن نحفظَ وحدتنا الوطنية ؟؟؟ علينا إذا أن نعلن أن الكويت أولا وليس العائلةُ أو القبيلةُ أو الطائفةُ ونحميها بإصدار تشريع يجرم خطابَ الكراهية وشق الصفوف.

v     نريد تحقيقَ الإصلاحِ ؟؟ علينا إذاً الإتيانَ بحكومةِ كفاءات لا حكومة محاصصات فئوية تكرسُ الواقع الأليم.

v     نريد محاربة الانشقاق ؟؟؟ علينا حسمُ ووقف خلافاتِ أسرةِ الحكم وصراع الأقطاب الذي هو وقودُ احترابِ المجتمع.

v     نريد محاربة الفساد؟؟؟علينا إصدارُ قوانين كشفِ الذمةِ المالية ومن أين لك هذا وحزمة قوانين محاربة الفساد  الأخرى مثل (قانون تضارب المصالح ، وحماية المبلّغ).

v     نريد دوراً اكبر للشباب ؟؟؟ علينا إنشاء مجلس شبابي للتخطيط والتنمية يترجم رؤاهم وتطلعاتِهم نحو المستقبلِ رديفاً لمجالس الآباء

v     نريد تحقيقَ العدالة الناجزة ؟؟؟علينا تطبيقُ القانون على كبارنا قبل صغارنا ودعم القضاء وتحقيق استقلاليته التامة عن السلطة التنفيذية.

v     نريد تحقيق المساواة؟؟؟ علينا إفساح المجال أمام تكافؤ الفرص للجميع ووقف الواسطة والمحسوبية على حساب المستحقين.

v     نريد التغييرَ ؟؟؟ علينا اختيار النائب القوي الأمين ، النائب الذي يسعى نحوَ التقريب لا التباعد ، ويعمل العقلَ لا العاطفةَ ، النائب الذي لا يذكي نيران الفتنه ويضع الوطن نصب عينيه  ، لا مصالحه هو وتطلعاته الذاتية.

    حضرات الأخوات والأخوة الساحة مفتوحة أمامنا و مرشحونا نساء ورجالا منهم الكثير من يحمل هذه الصفات وعلينا فقط أن نحسن الاختيار ، ونحن اليوم بضيافة احدهم الأخ علي الخلف وهو ممن برهنت خبراتهم ويشهد ماضيهم على معدنهم ، وان كنا لا نزكيه على الله  إلا انه  دون شك يحمل مع آخرين صفاتً رئيسيةً ثلاث أكدتها التجربةُ.

(النزاهة – الوطنية – الطيبة).

نزاهة – نون

 وطنية – واو

 طيبة– طاء

وحين تتجمعُ هذه الكلماتُ الثلاث نجدها تشكلُ كلمة  (نوط) فلنمنح الأخَ علي الخلف نوط النيابة عنا في مجلس الأمة القادمِ ، فهو وأمثالهُ من المخلصين المستحقين لشعار ( نوط ) من ذوي النزاهة والوطنية والمتحلين بطيبة أهلِ الكويت لا عصبيات الجاهلية الأولى هم من سيحدثُ التغييرَ في واقعنا المؤلم، وإشاعة الاستقرار المفقود الذي يمهد للإصلاح والتنميةِ وعودةِ الكويت درة للخليج.

وفقه الله .... وشكراً له على دعوته
ولكم على الإصغاءُ

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يوسف عبد الحميد الجاسم
29/1/2012