شادي الخليج ( حلم السمار في الليل الهادي )
 

 

في حياة الشعوب والأمم والدول علامات بارزه لا تتجاوزها منعطفات الزمن ولا يخطئها الوجدان الوطني ...وشخوص و رموز في أوطانها حفرت وتحفر في ضمير الناس أعمالاً يخلدها التاريخ وتبقى راسخة في ذاكرة الوطن .  

( عبد العزيز خالد المفرج ) أو ( شادي الخليج ) هو واحد من أولئك الرموز الكويتية والذي سيرسخ اسمه طويلاً في الموروث الفني للشعب الكويتي من خلال سجله الحافل منذ مطلع الستينات .

إن المنتمين إلى ( الزمن الجميل ) محلياً وعربياً وهو زمن الستينات الذي جمع العباقرة والعمالقة ونجوم السياسة والفن والاقتصاد والعلوم والأدب والفكر والثقافة بانصهار عربي أخاذ ، تفتحت ذائقتهم الفنية هنا في الكويت في مطلع الستينات على شاب جاء من القاهرة مسلحاً بعلمه الأكاديمي تسبقه موهبته الفنية في الغناء ، ليخترق حجب الرتابة الفنية التي كان يؤديها رواد ذلك العصر من جيل الآباء ، ويطل علينا من شاشة تلفزيون الكويت الفتي ، بالبدله وربطة العنق ويغني باقة من الأغنيات العاطفية الحديثة آنذاك ومنها ( أحب حبيبي ) و ( ليش ليش يا خاين ليش ) ومنظومة متكاملة من الغناء الحديث ، وضعت الأغنية الكويتية على خريطة الأغنية العربية . وشيئا فشيئا تصاعد نجم  
( شادي الخليج ) في أدائه الفني ليؤرخ للتراث الغنائي الشعبي والفلكلوري الكويتي وليسكنه في أعماق الضمير الكويتي والذاكرة الفنية خاصة من خلال الاحتفالات الوطنية السنوية في فبراير من كل عام حيث تحتفل وزارة التربية بالأوبريتات التي يصيغها الثلاثي المبدع ( شادي الخليج ، غنام الديكان ، عبدالله العتيبي ) وغيره من شعراء الكويت ، وكانت الكويت كلها تنتظر ذلك الأوبريت ، لتتغنى فور انتهائه بكلماته و الحانه وأنغامه فتتحول فقراته إلى أهازيج شعبيه ترددها ألسنه الصغار قبل الكبار في ملحمة

وطنيه متجددة كل عام . 

وجميعنا لا ننسى أنه خلال ايام الغزو الحالكة الظلام ، كان تراث الغناء الوطني الكويتي لكبار فناني الكويت مثل عبدالله الرويشد وعبدالكريم عبد القادر ونبيل شعيل ، وفي طليعتهم الفنان الكبير (  شادي الخليج ) أُعتُبِرَ وقوداً للصمود والمقاومة والأمل بالتحرير ، وكانت كلمات ( الكويت بلادنا الكويت ارواحنا سورها ، إصرارنا نورها ) وكلمات
 ( كلما زادت المحن حولها أو قسى الزمن         أصبح الناس كلهم كلمة في فم الوطن ) وغيرها الكثير من الحصيلة الوافرة من التراث الغنائي الوطني الذي بثه ذلك الفنان الكبير في أرجاء النفس الكويتية ، أعتبرت زادا يومياً شخصت من خلاله الأبصار نحو الوطن المحتل .

أصبنا القلق جميعاً على فناننا الكبير أثناء رحلة علاجه وكنا نضرع إلى الله أن يكلأه بعنايته ويعيده سالماً إلى أرض الوطن ، وعاد مشافى بحمدالله ليحتفي محبوه بشخصه العذب ، ورمزيته الوطنيه ...وتراثه الزاخر الذي سيظل محمولاً في وجدان الوطن عبر السنين .

فرحنا بعوده ( أبا علي ) ( عبدالعزيز المفرج ) الفنان ( شادي الخليج ) حامل
( حلم السمار في الليل الهادي ) وصاحب ( حالي حال ) و( لي خليل حسين ) وحافظ تراث الفن الشعبي والناشد ( علم الكويت سلمت خفاق البنود ) .

فالحمدلله على سلامة عودتك أيها الشادي الرائع .

 

 

 

يوسف عبد الحميد الجاسم

 

16/9/2012