(هذا أهوالكويتي )

 (هذا أهوالكويتي )                           بقلم يوسف عبد الحميد الجاسم الصقر

 

خرجت من تجربة الإدارة والإشراف على مشروع (رحلة الأمل) بحصيلة ثرية من الدفق الإنساني والحضاري المتلازم مع قضية أصحاب حلم الرحلة الأخوين (جاسم الرشيد البدر و وبادي الدوسري) ، ورفيق دربهما عضو الرحلة (خالد العصفور).

تعلمت من جاسم وبادي أبوي مشعل وخالد من فئة (الداون سندروم) الإصرار على تحويل الحلم إلى حقيقة ، والسعي نحو تمشيط الأرض واستدرار عطف السماء، وتحشيد طاقة البشر والجماعات  لتحقيق هذه الحلم، فليست جميع الأحلام قابلة للتطبيق إلا ما توافق مع الفطرة والإرادة والإصرار والتفاني والعمل الدؤوب ، وذلك بالضبط ما يتحلى به هذين الأبوين النموذجين.

(رحلة الأمل) لم تك مشروعا تجاريا ولا إداريا ولا دعائيا ، بل كانت رسالة مغلفة بإدراك المسؤولية الإنسانية للأخذ بيد أبناء قدر الله سبحانه وتعالى أن يخلقهم معاقين ذهنيا بلا ذنب لهم في ذلك، وسلموا أمرهم للخالق المتبصر بشأن عباده، ولكنهم أيقنوا أن  الله أودع في هؤلاء قدرات وملكات ومواهب لا تقل عن غيرهم، بل هم يفوقون أولئك الغير حين يحسن استثمار تلك المواهب والقدرات، وهذا هو ما كان عليه الابنين الرائعين (مشعل الرشيد البدر) و(خالد بادي الدوسري) ورفيقهما (محمد الحجي) من فئة (الداون سندروم)

(رحلة الأمل) كانت وديعة بيد المجتمع تعهدها بالرعاية والاحتضان ولي الأمر صاحب السمو أمير البلاد والد الجميع، واصطفت من خلفه الوزارات  الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية و الأفراد، في ملحمة وسيمفونية وطنية،كانت تردد (لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة)، وأن الكويت هي حاضنة بالفعل للعمل الخيري والإنساني والحضاري بقيادة أمير استحق عن جدارة أن يكون قائدا عالميا للأعمال الإنسانية عبر سجل حافل امتلأت به صفحات تاريخه الزاهر.

تحقق لهذا المجتمع المتوقد ما أراد لتمكين (جاسم  و بادي) من تحقيق حلمها بمناداة العالم أجمع أن لا تعزلوا أبناءكم من ذوي الإعاقات الذهنية وادمجوهم في مجتمعاتهم وأطلقوا النور على دنيا الظلام ، فكان درسا بليغا بقدرة العمل الجماعي على تحقيق الصعب بل والمستحيل حين تتوافر الإرادة.

الدرس الأخير تمثل في أن احترام العالم للدول صغيرها وكبيرها هو استحقاق لا يبنى على مقدار ثرائها المادي والبشري، بل ثرائها الإنساني والقيمي والحضاري ، وهذا ما افتخرنا به جميعا والرحلة تجوب نصف العالم لتقول له:

(الكويت ليست نفطا، بل حزمة من القيم والمبادئ الإنسانية والحضارية) وبكل  فخر نردد آخر أغاني الزهو الوطني (هذا أهو الكويتي)

 

يوسف عبد الحميد الجاسم الصقر

Email: yousef@6ala6.com

            16-3-2015