(( قتال البغي))

 

6/6

 

(( قتال البغي))

بقلم يوسف عبد الحميد الجاسم الصقر

أتحدى أن يدير أي واحد منا المؤشر الرقمي للراديو أو التلفزيون صباح أو ظهيرة أو مساء أي يوم من أيام الأسبوع أو الشهر أو السنة ويتوقف عند نشرة إذاعية أو تلفزيونية من نشرات الأخبار، ولا يجد طرفا عربيا أو مسلما في مشهد مأساوي قائم على انفجار أو تفجير أو قتل أو تشريد أو تشرد ، أو مجاعة أو فقر أو تخلف والعياذ بالله، وذلك انطلاقا من أفعال جماعات إرهابية مارقة وباغية هنا وهناك وآخرها (حوثيو) اليمن و (دواعش) العراق.

لقد أصبحنا عربا ومسلمين قاسما مشتركا في الأحداث المأساوية التي تهز أطراف العالم، لا لنكون المكتوين بنيرانها فحسب، بل ليتم تصويرنا كجناة في كثير من الحالات على غيرنا من الأمم والشعوب والحضارات والديانات ، ويتم ذلك كله تحت ذرائع وتبريرات واهية ومتهافتة مثل  محاربة الاستعمار، والامبريالية والصهيونية ،أو الانتصار للدين وكأن نصرته لا تتأتى إلا بالنحر والتفخيخ وشتى صور الإرهاب، والمأساة المضحكة المبكية أن هذه الجماعات قتلت وشردت من بني جلدتها خلال الثلاثين عاما الماضية في أعمال إجرامية ومغامرات عدمية،  ما يفوق بكثير ما قتله أعدائنا منا خلال نفس الفترة.

مؤسف ما وصل إليه حالنا كعرب ومسلمين، ومؤلم ما يرتكبه أولئك الإرهابيون والبغاة من جرائم و فظائع باسم الدين وتحت نداءات ( الله أكبر ) ، وذلك في مصادمات دموية ومأساوية أزهقت فيها مئات الآلاف من الأرواح وشردت الملايين وأفقرت أضعافهم، ورسخت الجهل والفقر والمرض ليتفوق العرب في معدلاته على سائر الأمم الأخرى، تحت وهم تفسيرهم الخاطئ للآية الكريمة: " كنتم خير أمة أخرجت للناس " .

إن الله سبحانه وتعالى قال وهو أعز القائلين (كنتم) ولم يقل (ما زلتم) ، إلا أن زعماء الإرهاب والتكفير ومنظريه، والمارقين والخارجين على الشرعية ، يطرحون الدين كآلة حرب وخراب ودمار ، لا كخارطة طريق نحو الرخاء والنماء والأمن والاستقرار الذي هو أحوج ما تكون له الشعوب العربية والمسلمة المغلوبة على أمرها، والمرهون مصيرها و سمعتها بأولئك القتلة وسفاكي الدماء من عرابي الإرهاب ومنظري الدمار والخراب.

الأنكى من ذلك كله أن مرارات نظريات الإفك السابقة تغلف بالقول بنظريات المؤامرة، باعتبار أن كل ما يجري  للعرب والمسلمين هو من نتاج المؤامرات الغربية والصليبية والصهيونية، وكأننا بالفعل المنافس الأكبر للدول المتقدمة وما تقوم عليه من اقتصادات مزدهرة وتكنولوجيا وحضارة وتقدم علمي مبهر!!

نقول ذلك وجهلائنا من زراع الفتن الطائفية  لم يدركوا أنهم حولونا بالفعل إلى خطر داهم على الآخرين، ولكن من زوايا التدمير لا التعمير، فآخر اهتمام و همّ الأمم المتقدمة أن نكون نحن من يمثل خطرا عمليا وتقدميا على حضارتهم الزاهرة.

ولعل الحزم والعزم لمحاربة هذه الأشكال البغيضة من البغي والعدوان على سائر الأمة وعلى سمعتها يغدو واجبا شرعيا وأخلاقيا علينا القيام به لنبذ التطرف والإرهاب والانتصار  للحق والعدل والتسامح والسلام.

وأخيرا فإن الحرب على الإرهاب و التطرف والبغي بمختلف أشكاله أعلنتها دول مجلس التعاون بقيادة المملكة العربية السعودية منذ أن بادئها الإرهاب بالعدوان في الثمانينات من القرن الماضي، واستمر ذلك النهج دون تراخي حتى يومنا هذا، وما الانضمام إلى تحالفات الحرب على (داعش) من جهة والحرب على (الحوثيين) الانفصاليين في اليمن من جهة أخرى إلا تأكيد بليغ، للقواعد الشرعية والأخلاقية التي تقوم عليها سياسات هذه الدول والمستمدة من قول الله تعالى:

" وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " صدق الله العظيم

يوسف عبد الحميد الجاسم الصقر

Email: yousef@6ala6.com

                                                                                                                                           

     

تنويه: سقط العراق سهوا من مقالتي السابقة (ما تقضي اللازم سيوف بالأغماد ) ضمن دول الهيمنة الإيرانية.