(الكويت و التعافي البليغ)

6/6

 

(الكويت و التعافي البليغ)

 

قد يسجل عام (2015) أنه بالنسبة للكويت عام الإصابات البليغة وفي الوقت ذاته يسجل كونه عام التعافي البليغ.

فلم يتمكن التفجير الآثم في مسجد الصادق، إلا من استنهاض الالتفاف الوطني حول الكويت ويرتفع فوق الجراح ويرتد في هجمة مضادة مسجلا هدفا قاتلا في مرمى الإرهاب و الإرهابيين الذين ظنوا أنهم أصابوا الوحدة الوطنية في مقتل، ولكن ظنهم ارتد إلى نحورهم، حيث كان التعافي بليغا على قدر عمق المأساة التي خلفها التفجير الآثم وخسائره البشرية البليغة.

الكويتيون في ذلك الحدث ذكّروا العالم أنهم قبل ربع قرن وتحديدا في الثاني من أغسطس 1990، سجلوا أبلغ تعافيهم من الصدمة التي خلفها الحدث التاريخي الأكبر وهو الغزو العراقي ، حيث ما لبث الشعب الكويتي أن ارتفع فوق الجراح ليلتف حول شرعيته، ويقطع على الغزاة الأمل بالعثور على فرد واحد ليخون وطنه ويتعاون مع أعدائه، فسجل الرئيس الفرنسي (فرانسوا ميتيران) إعجابه باستثنائية الشعب الكويتي ، الذي حاز على احترام وتقدير العالم بأسره.

وما كدنا نفيق من صدمة تفجير (مسجد الصادق) ، حتى تفجرت أمام أعيننا وأسماعنا أخبار (خلية العبدلي) المكتنزة بترسانة هائلة من السلاح المخبوء ، الذي يكفي لإسناد وتموين غزو آخر للكويت لا قدر الله، لو شاءت الأقدار تحقيق غايات من يقف وراء تلك الخلية وترسانتها المنكرة.

لا أستطيع بناءا على قرار النائب العام الاسترسال أكثر في التعليق حول هذا الموضوع، فأعود إلى حيث ما قصدته وهو  أننا على قدر صدمتنا البليغة من أخبار الخلية، كان التعافي البليغ الذي استدعى مخزونه الغني من الوعي الوطني، ليرفض المجتمع بكافة شرائحه ذلك الفعل المشين وما اختبأ خلفه من مقاصد، ويعلن أن أمن الكويت واستقرارها هو البدء والمنتهى، وأن الكويت هي الأصل وما عداها عدم، وأن كل من يتآمر عليها مرفوض ومعزول ، وأن الخطيئة تشين فاعلها وتعيبه وتدينه بذاته لا بطائفته ومعتقده الديني، فحققت الكويت من جديد تعافيها البليغ من تلك الصدمة البليغة.

ويواصل عام (2015) تسجيل الإصابات البليغة المؤسفة في جسد هذا الوطن الغالي، بتداعي أسعار النفط وتراجعها إلى مستويات بالغة الخطورة على متانة اقتصادها و خططها التنموية، وغاية ما نتمناه جميعا أن نشهد تعافيا بليغا من هذه الصدمة الاقتصادية، والتي نأمل أن ترتكز على جراحات لأورام وأمراض بنيوية تراكمت في كياننا الاقتصادي، ودون ذلك فإن التعافي لن يعدو أن يكون تخديرا لآلام لن تلبث أن تبعث من جديد.

 

 

 

 

يوسف الجاسم الصقر              

Email: yousef@6ala6.com                                                                                      

                                                    30 أغسطس 2015