السعودية دولة المركز

في وقت واحد استقبلت الرياض القمة الخليجية &<635;&<638; ومؤتمر قوى المعارضة السورية وتجمعاً للفصائل اليمنية المناهضة للانقلاب الحوثي ،هذا فضلا عن تزاحم شديد في تحركات وفود غربية وشرقيه ومسئولين أمميين، للتباحث مع صناع القرار السعوديين سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا  حول شؤون المنطقة والعالم.

 

قراءة هذا الوضع تؤكد محورية المملكة العربية السعودية وأهمية دورها كمركز في صياغة الواقع السياسي لمنطقة الخليج ورسم ملامح المستقبل، وكذلك أهمية مشاركتها في البناء السياسي في العالم العربي ومتغيراته الإستراتيجية المتوالية يوما بعد يوم منذ اندلاع أحداث  ما سمي (بالربيع العربي) والذي تحول بواقع الحال إلى ( جحيم عربي) .

 

الملفت في الوضع السعودي الداخلي، أشكال من الانفراج النسبي اجتماعيا، حيث يتكثف التواجد النسائي العائلي في الفنادق والمولات  والطرقات وبلباس غير تقليدي، وكان لافتا  حضور عدد كبير من عضوات مجلس الشورى وعدد من السيدات السعوديات فعاليات افتتاح واختتام القمة الخليجية ، والأهم مشاركتها التاريخية للمرّة الأولى في الانتخابات البلدية  ترشحاً وانتخاباً وإن كان من          ( خلف حجاب ) ، حيث ينكسر بقوة حاجز عزل المرأة في المجتمع السعودي إلى غير رجعه. هذا على الرغم من استمرار حرمانها من قيادة السيارة، والسفر إلا برفقة محرم، وعدم تمتعها ببطاقة مدنية مستقلة عن البطاقة المدنية لقضاء حاجاتها..

 

والملفت  أيضا تصاعد الانفراج  في الحراك الفكري والثقافي داخل المملكة بين أوساط النخب عالية الثقافة والإطلاع التي يتوافر عليها المكون الثقافي السعودي، بمفكريه وشعرائه وأدبائه وسياسييه واقتصادييه ونجومه الإعلامية والصحافية  والفنية. 

هذا الأمر ليس بالجديد أو الغريب على المملكة العربية السعودية التي استطاعت  تحقيق معادلة مدهشة بين كونها منبع المحافظة والتزّمت  ومركز الفكر الديني المتشدّد ،  وهي بلاد  تنعدم فيها المسارح ودور السينما !!  إلا أنها أثرت الساحة العربية بفنون مزدهرة وأنتجت عمالقة الشعر  والأدب ونجوم الإعلام والكتابة الصحفية والغناء  والتمثيل والرياضة،  وتمكنت منذ مطلع التسعينات من إنشاء وتمويل منافذ الإعلام والصحافة ومراكز ومؤسسات الفكر والثقافة  وذلك خارج المملكة  بما سمي (بالإعلام المهاجر)، الذي فتح آفاقا غير محدودة للحراك العربي الفكري والسياسي عبر فتح المجال للإنسان العربي للتعبير عن آرائه ومعتقداته وكذلك للأدباء والفنانين العرب لتكثيف إنتاجهم ونشر فنونهم وإبداعاتهم.

 

هذا بالإضافة إلى  ثراء الساحة الفكرية المحلية بمراكز البحوث والدراسات ومنتديات الرأي و(العصف الذهني) المنتشرة في المملكة وأبرزها منتدى ( أسبار ) الذي يرأسه ويديره أحد ألمع المثقفين السعوديين  د.فهد الحارثي، واثنينية (عبدالمقصود خوجه)،   وثلوثية (محمد سعيد طيب)، وغيرها من مجالس أدبية وثقافية وفكرية.

في مجلس زخر بنخبة  من المثقفين والإعلاميين والكتّاب السعوديين وضمّني معهم في منزل  الصديق الدكتور فهد العرابي الحارثي، الذي أدار حوارا شيّقاً  وجريئًا ومتباين الآراء بسقف عالي لا يخلو من الاتزان حول عدة موضوعات داخلية وخارجية ، اختتم  الحضور جلستهم  بالتوجه لي بالسؤال عن محبوبتهم الكويت وما يجري فيها وما ينتظرها من أحداث ، ولم تغفل صراحة الحديث توجيه عتب محبين ، بشأن ما يعتبرونه خذلان من جانبنا في إسناد التحالف العربي والخليجي  الذي تقوده السعودية في عاصفة الحزم قطعا للطريق أمام أطماع إيران وأعوانها في بسط نفوذها في المنطقة، وأن دورنا في المواجهة كان خجولاً ومنقوصاً، ولا يتناسب مع حجم الفزعة الخليجية لنا حينما حلّت بنا نائبة الغزو العراقي (عام&<633;&<641;&<641;&<632;) .

 

لم يستمر الحوار في ذلك طويلا لشعورهم بأني أشاطرهم المشاعر و أنهم تيقّنوا من أننا في الكويت نشعر ونعلم أن المملكة هي مركز الثقل الخليجي، وما يمسها يمسنا، وأن دول الخليج هي الملجأ الأساس لنا حين تدل&<619;هِم من حولِنا الخطوبُ.

وكان صمتهم في معرض البيان (بلاغة) ...

يوسف عبدالحميد الجاسم

15/12/2015