أدهشني ( نشمي ) في حضرة (القصيبي )

 ذات مساء  من شتاء &<634;&<632;&<632;&<636;، زارني في منزلي بدعوة على العشاء، الأديب والسياسي والدبلوماسي، الفنان  والإنسان الشامل، العملاق  الدكتور (غازي القصيبي) رحمه الله، وذلك بعد أن تشرفت بتقديمه للجمهور في صالة التزلج في أمسيته الشعرية التي أقامها في الكويت حينها. 

 

جلسنا نستمتع بأنهار ( أبو ياره ) المتدفقة من شيّق أحاديثه في كافة شؤون الحياة وذلك بحضور كوكبه من الأصدقاء والأحباب ، بعضهم من شعراء وأدباء الكويت والمهتمين بالشأن الثقافي، وإذا (بسِبْطَتي) الصغيرة ذات الربيعَين آنذاك تقتحم المجلس راكضةً لتستقر في حضني الذي اعتادت أن تجد فيه دفئ حنان الجد ، وتعلّقه بصغاره كمِثل غيره ممن حباهم الله بنعمة الأبناء وأبنائهم. 

 

سألني المرحوم الدكتور غازي و بقية الحضور: من تكون هذه الورده؟!

 فأجبتهم إنها ( ِكنْدَه ) الطفلة الأولى من الأسباط والأحفاد (حفظهما الله جميعاً) ، وإسمها وشبهها نفس أسم وشبه خالتها الغائبة عن الوعي بحادث طريق اختطف ربيع شبابها قبل عقد من الزمان (آنذاك)، وأقعدها في المشافي والمصحّات . 

 

انهمكنا أنا والطفلة الصغيرة تلاعبني وألاعبها بين ضيوفي حتى غالبها النعاس فحملتها على كتفي إلى أمها ( ابنتي ) وعدت إلى حيث المجلس الذي تمنّى جميع من فيه  الشفاء (لكنده ) الكبيرة ، والحياة الطّيبه  (لسَمِيّتها ) الصغيرة، فشكرتهم وأكملنا الأمسية الرائعة مع الضيف الأروع  وصحبه الكرام.

 

لم أعلم حينها، أن واحداً من ضيوف مجلسنا قد تقمّص (مشاعري)  بعبقرية لم أعهد مثلها من قبل، وهو الشاعر المُلهَم نشمي مهنا ( وضّاح )،  الذي (صاغ أحاسيسي) بقصيدةٍ أسمعني إياها عبر الهاتف بعد ليلتين من ذلك اللقاء، فأدهشني وأبكاني واستأذنني بنشرها في  (الطليعة)  حيث كان ينشر قصائده آنذاك ، وأستأذنه اليوم  بإعادة إطلالتها عليكم  كما كتبها تقديماً ونظماً، لما

تحمله بالنسبة لي من مضامين إبداعية في المحاكاة الوجدانية.

 

 وإذا كنت لا أود أن أثقل عليك عزيزي القارئ بالشأن الخاص ، إلا أنني  ألتمس منك العذر للكتابة بموضوع اليوم  بعد رثائي لإبنتي الجمعة الماضية في هذه الزاوية ، فقَدَر الكاتب أن يكون ضحية مشاعره وأحاسيسه وذكرياته  وقناعاته وآلامه وآماله .

 

كتب نشمي مهنا (وضاح ) بتاريخ  &<634;&<632;&<632;&<636;/&<633;&<634;/&<635;&<633;:

 

( وراء القصيدة همٌّ وقصة وليست مسألة خاصة أو شخصية، لذا رأيت أن أشرك معي القارئ في إهدائها إلى ذات العامين من الورد.. التي كانت أحلى قصيدة في بيت يوسف الجاسم )

 

يا نهر يلعب على ضفة أيديني

وما سأل من وين نبعه؟!

ياحمامه مسافره بالريح ماتدري الشمال

( إن دار في غفله عليها شلون طْبعَه َ؟! )

إنتي يالغيمه الصغيره ما سألتي:

تترسين أحضان قلبي أفراح وإلا

تنزلين بليل دمعه ؟!

يا صغيره  ياالصغيره إنتي يا (كنده) الصغيره

ودي أسولف لج عن الهم اللي فيني 

لو فهمتي!

ودّي أكسّر لج  ضلوعي وافضح همومي وحنيني.. لو سألتي!

إنتي (ياكنده) الصغيره ما عرفتي

إن تالي اللعب .. دمعه!

أنا خزّنت الأماني وقلت ياليلي تمهّل

عندي (كنده) (صْبَي عيني) 

وعندي شوق وعندي رِفقَه

 وعندي شمعه

وإنتِ شمعه ، مايهمها الليل لو أظلم علينا

وإحنا يا (كنده )تعبنا..  

إلعبي فينا ببراءة  ياما بالفاظج لعبنا 

إلثغي لو نص كلمه ونص إسمج

إنتي يا( كافي ونوني) 

كُنْ.. كل شي ِلج يكونِ

 إيه مو قلنا يا كنده ( يا حمامه مسافره)؟ ويانهر يلعب إنتي

وإنتي يا صبي العيون

إطلبي كل شي يكونْ

ياربيعٍ مَرْ مايدري بعَبيره..

 يا ثياب اليوسفي لمّا يفوح الجرح وسط بيره!!

يا دموع مخزّنه بالقلب تنطر بَرْق يِفضَحها بسعيره!!

بس خايف يا (كنده ) تركضين

بدرب واعي وتسإليني بيوم عن (سر إسمج)!

وتِسإلين بكل براءة بيوم عنّه:

( كنده الكبيرة )!!!

 

 تحيّتي وتقديري للشاعر الفذ ( نشمي مهنا/ وضّاح) لتجسيده حالتي قبل اثني عشر عاماً  بهذه اللوحة  التعبيرية الصادقة التي ارتسمت لديه خلال أقل من ساعة واختزل فيها دهراً من المشاعر الإنسانية المتداخلة في امتحان ودرسٍ إلهي فريد بين ما أخذ ووهب.

 

 

 

يوسف عبدالحميد الجاسم

&<634;&<632;&<633;&<638;/&<635;/&<633;&<640;