الديحاني والطرقي رشّة الزهو الجميل

6/6

الديحاني والطرقي

رشّة الزهو الجميل

حفر الراميان  فهيد الديحاني وعبدالله الطرقي الرشيدي أسميهما بحروف من ذهب وبرونز في ذاكرة تاريخ الكويت الرياضي بحصول الديحاني على أول ذهبية للعرب في أولمبياد الريو و في تاريخ الكويت  ، ليلحق به الطرقي حاصلاً على البرونزية الأولمبية ، فيحظيان باحتفاء وطني مستحق وغير مسبوق  توّجه صاحب السمو الأمير بتقليدهما الأوسمة  ومكافئتهما باسم الشعب والحكومة.

سطّر البطلان مثالا ناصعاً لنجاح الجهود الجماعية الممنهجة والرصينة لإدارات رياضية متجرّدة وحصيفة عملت بصمت ووقار لسنين طويلة و احتضنت الموهبتين المتوقّدتين ورعتهما بحرفية ومهنيّة عالية مستهدفة تحقيق الميداليات الذهبية الأولمبية ورفع علم الكويت في المحافل الدولية.

ه&<648;ذين العملاقين أشاعا بانتصاراتهما وتألّقهما زهواً غاب عناّ طويلاً، بعد أن تصحّرت لدينا الأحوال واقتحمت السياسة والمصالح الذاتية نسيج  كل شيء من حولنا، لتَطمِس معالم التميّز والريادة و لتتراجع الرياضة إلى حيث المراتب المتأخرة  التي تحتلها بلادنا اليوم وبكل أسى في شتى ميادين التنافسية العالمية.

البطلان أصرّا على انتشال وطنهما من مستنقع اليأس إلى ذرى&<648; الإنجاز  وتفجير ينابيع الفرح في قلوبنا وإن كان فرحاً بطعم المراره حيث شاهدنا  بطلينا متحّسرين وهما يقفان بقامتيهما الشامختين على منّصات التتويج  في الأولمبياد، دون أن يرتفع علم بلادنا  فوق هامتيهما، أو يُعزف النشيد الوطني الكويتي كغيره من أناشيد الدول المتوّجة بالانتصارات، واكتفى المنظمون (للأسف) برفع العلم الأولمبي  خلفهما وهو مأوى اللاجئين وفاقدي الأوطان والمبعدة بلادهم عن المنافسات  الأولمبية!

دروس انتصارات الديحاني والطرقي عميقة جداً، لانطوائها على ثنائيات متاضدة ومؤلمة، فمن جانب تابعنا مسئولين في رياضتنا  اندفعوا خارج حدود بلدهم تدويلاً لصراعاتهم الداخلية وتشفياً وإنتقاماً من خصومهم المحليين حتى تحقق لهم  وبدمٍ بارد حجب رياضات بلادهم عن المشاركات الخارجية إقليميا وعربيا ودوليا !!

 

بالمقابل أدهشنا إصرار وعزيمة ثلّةٌ من أبناء الكويت الرياضيين المخلصين الذين تساموا فوق خلافات وصراعات المسئولين في بلادهم ، ووضعوا مجدها نُصب ضمائرهم ، غير آبهين بأمرٍ سوى إدراك البطولات بإسم وطنهم الساكن ضمائرهم، مختزلين  مرحلة كريهة من مراحل الجدب الرياضي بالفوز الكبير للديحاني والطرقي اللذان استقر صدى&<648; طلقات بندقيتيهما في البرازيل وسط قلوب الكويتيين في كل مكان إنتشاءً وجذلاً، متحققين من أن بلادهم (خُلِقت كي تُنتجَب) مثلما صدح نبيل شعيل بأنشودة (يا بلادي).

نتمنى على  كل من كان له إصبع في وقف الرياضة الكويتية عن المشاركات الخارجية مواصلة التواري عن الأنظار، فساحة التألق الرياضي والتفاني الوطني التي طرّزها الديحاني والطرقي ومن رافقهما من الرياضيين بورود الانتصارات ، وهي لا تحتمل المزيد من التوتر وصراعات (أنا ومن بعدي الطوفان!).

ونتمنى على أهل السياسة أن لا يجعلوا من الرياضة الكويتيه وآلاف الرياضيين كبش فداء للتجاذب السياسي وعدم القدرة  على عزل ومعاقبة مخطئ واحد بحق الوطن،  فيطيلون بذلك أمد الإيقاف وحجب المزيد من المشاركات في البطولات الخارجية، وكفانا بكاءً على اللبن المسكوب!

شكرًا للقدوتين الديحاني والطرقي  رشّة الزهو الجميل التي نثراها ندّيةً علينا عبر سيمفونية الفرح  في زمن القتامه.

 

يوسف عبد الحميد الجاسم 
19/8/2016