( أجر المملكة على الله )

شاءت إرادة الخالق سبحانه، في موسم الحج هذا العام وقوع حدثين جللين مؤسفين الأول سقوط الرافعة العملاقة على جزء من الحرم المكي الشريف، والآخر تدافع بعض الحجيج في موقع من منى، أدى كلاهما إلى استشهاد حوالي تسعمائة من الحجاج وإصابة مثل هذا العدد ، ونسأل الله المغفرة والرحمة لمن قضى نحبه، والشفاء للمصابين جميعا.والعزاء  لأهلهم وذويهم.

ولحظنا جميعا ترافق هاذين الحدثين الكارثيين بالحزن العميق الذي لف أوساط العالم الإسلامي، حيث واست أمم الأرض المملكة العربية السعودية والدول المنكوبة، إلا أننا فوجئنا في الوقت نفسه باشتعال حملة ظالمة شعواء ضد المملكة  وإدارتها للحرمين الشريفين، كالت الاتهامات الخرقاء لها بالعجز والتقصير، بل وبلغ الأمر مبلغ المناداة بتجريدها من مسؤولياتها بإدارة الحرمين الشريفين وتدويل تلك الإدارة ، وذلك من بعض دول ضحايا الحدثين، وأقول بعضها لا جميعها.!!

 ليس  هناك  عاقل أو منصف وذو بصر أو بصيرة على وجه الأرض من ينكر أو يجحد ما قامت وتقوم به حكومات المملكة المتعاقبة وعاهليها على مر العصور والأجيال من خدمات ورعاية فذة للحرمين الشريفين حازت رضا المسلمين كافة وإعجاب العالم بأسره، واعتبرت تلك الإدارة واحدة من النماذج المشرقة التي يحاول الكثيرون محاكاتها والإقتداء بها نظرا لتميزها وكفاءتها ودقتها في فنون العمارة والصيانة والإجراءات الأمنية والتجهيزات اللوجستية وتوفير  الأجواء الروحانية المهيبة  في هذه الصروح المقدسة التي تهوي إليها أفئدة الناس على مدى الليالي والأيام ويطوف من حولها المعتمرين والحجاج والمصلين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.  

ولم تتوان مملكة الخير على الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن بالصرف والبذل والجهد والرعاية والتوسعات والتجديد ولم تبخل بالإغداق  على رعايتهما دون حدود، مالا وجهدا واهتماما وتطويرا، جامعة في ذلك بين مسؤوليتها عن توفير أجواء العبادة الربانية المتجردة في هاتين البقعتين الطاهرتين، وبين حسن التعامل مع مئات الثقافات و المسلكيات واللغات والأعراف التي ينتمي إليها ملايين الحجاج والمعتمرين والزائرين من شتى أرجاء الأمم الإسلامية، مما جعلها تحظى بتقدير وانبهار العالم أجمع، وكم ردد الكثيرون أن من فضل الله تعالى أن جعل بيته العتيق في (مكة المكرمة) والحرم النبوي الشريف في (المدينة المنورة ) لتتولى إدارتهما العتيدة  حكومات المملكة المتعاقبة بكفاءة واقتدار قل نظيرهما ، والله وحده يعلم كيف سيكون مصيرهما لو لم يكونا تحت هذه الإدارة الرشيدة .

بالرغم من كل ذلك فإن المملكة لم تّدع لنفسها الكمال في الأمر وهو المنعقد لله وحده بل سعت وتسعى في حراك دائم لتذليل العقبات وتجنب الأخطاء وسد النواقص وابتكار وسائل تطوير وتوسعة آفاق خدماتها لضيوف الرحمن في تلك البقاع المقدسة .

  واعترافا بشرف خدمة أطهر بقاع الأرض أصبح لقب (خادم) الحرمين الشريفين يسبق لقب ملك هذه الدولة الكبرى العريقة بتاريخها وشعبها وتراثها .

إن الطعن بنجاح وتميز إدارة المملكة للحرمين الشريفين، ،وتوفير أمن ورعاية وسلامة الحجاج والمعتمرين عبر السنين لا يُقدم عليه إلا ناكري المعروف، والكل يدرك أن الناعقين اليوم هم من متنصبي العداء السياسي  للمملكة لأسباب لم تعد خافية على أحد إقليميا وعالميا، وهم المتجاوزين لقضاء الله وقدره ، ونهّازي  الفرص  لتسييس حتى المآسي الإنسانية ، والباحثين عن إشعال المزيد من الفتن والحرائق بين المسلمين لتحقيق أهدافهم المعروفة سلفا،  وهم يعلمون حق العلم أن ما وقع في موسم الحج بالسعودية قد يقع أضعافه في تجمعات بشريه مثل الملاعب الرياضية وأنفاق السكك الحديدية أو المظاهرات الجماهيرية و سواها ، وهي لا تعادل عشر اكتظاظ أرض الحرمين الشريفين بملايين الحجاج والمعتمرين، على مدار الأيام.

يا أهلنا في المملكة :  إن قوافلكم نحو الخير سائرة على بركة الله مهما علا صراخ الموتورين من حولكم، وجزاكم الله عن أمة الإسلام فيما تبذلون وتفعلون خدمة للديار المقدسة والحرمين الشريفين خير الجزاء.

 فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض} [الرعد: 17]، صدق الله العظيم

                 يوسف عبدالحميد الجاسم 

&<634;&<632;&<633;&<637;/&<633;&<632;/&<633;