الانهيار القِيَمي


وردت الفقرة التالية في  البيان الذي تشرفت أن أكون أحد الموقعين عليه والصادر عن مجموعة الإصلاح والتوافق الوطني يوم الاثنين الماضي:

                     

))
ضرورة التصدي  لحالة الانهيار القِيَمي المتمثل بإفساد الذمم عبر  مختلف أشكال الفساد الإداري والمالي في الجهات الحكومية الذي وضع الكويت في ذيل قوائم النزاهة وفقا للتقارير الدولية، ومطالبة الحكومة بضرورة تفعيل قانون إنشاء هيئة مكافحة الفساد وإصدار لائحتها التنفيذية التي يوحي التلكؤ في إصدارها بالتقاعس عن الجدية والمصداقية في محاربة الفساد  الذي أصبح آفة المجتمع.))
نعم إنه ليس من المعقول ولا المقبول أن نتعايش مع حالات يزكم فسادها الأنوف بين راشين ومرتشين في عدد من الجهات الحكومية من خلال مراتب مختلفة من الموظفين تتراوح رشاهم بين التوافه مثل ( خط إيزي أو  قارورة كلونيا) وبين عشرات الآلاف من الدنانير لكل معاملة متعلقة بواحدة  من الخدمات الحكومية المختلفة، هذا فضلا عن تجاوز القوانين  وكسرها من قبل العديد من المسئولين إرضاء لنائب هنا أو متنفذ هناك ولا عزاء لمبادئ العدالة والمساواة بين الناس التي قررها الدستور ودولة القانون، فكان ذلك هو المدخل المأساوي لأنفاق التخندق الفئوي بشتى أشكاله حيث توّلد  لدى  الكثير من الناس الشعور  بالفرار للفئة والعزوة الاجتماعية التي ينتمي لها، والتشبث بأطراف أثواب المتنفذين، سعيا للحصول على  حقوق يقررها القانون، أو  انتزاع مكاسب غير مستحقة عبر الواسطة والمحسوبية، وليذهب للجحيم صاحب الحق الأصيل الذي ينتظر على قارعة طرق الوهم  للحصول على حقوقه من خلال القانون الذي لم يسمنه ولم يغنه من جوع!!


مثل هذه الحالات المأساوية بالإضافة إلى الإثراء المفاجئ غير المشروع  للكثيرين ممن تنكبوا طرق الحلال التي غدت مقفرة لقلة سالكيها، خلقت أوضاعاً لا تحتمل من الفساد المؤسسي والمتجذر في المجتمع، بحيث أصبح الأمين والنزيه عملة نادرة يصعب العثور عليها وسط بحور عفن الفساد التي لا قرار لها مع الأسف الشديد، بل وأصبح النزيه الصالح بنظر البعض مغفلا وأبلهاً ، والقبّيض المرتشي هو الوجيه التي تحتضنه المجالس والموائد بل والمناصب والصفقات وتُفتح أمامه جميع الأبواب الموصدة في وجوه الغير !!



مع كل ذلك واللائحة التنفيذية لعمل هيئة مكافحة الفساد تترنح بين إبطال وعودة مضطربة، وهي لم تصدر  حتى ساعة حل مجلس الأمة السابق تحت مبررات غير مفهومة أو مقبولة  وهي مبررات تكشف التسويف المؤلم في المكافحة الحقيقية للفساد الذي غدا آفة كبرى في المجتمع!!


هنا يصبح الإصلاح من خلال  صناديق الاقتراع حتمية غير قابلة للتردد، وذلك باعتماد النزاهة والأمانة أساسا لاختيار المرشحين للمهمة النيابية، ولكي تكون قولة الشعب هي الفصل لوقف حال التردي  القِيَمي والإفساد الذي يئن تحت وطأته المجتمع، ولن يقود البلاد إلا للمزيد من التراجع والضياع.


-----------
ملحوظة:
لم يعد دونالد ترامب مرشحا لرئاسة الولايات الأمريكية بل رئيسها الخامس والأربعين  بإرادة واختيار غالبية الشعب الأمريكي، وعلى الجميع قراءة مصادقة الشعب الأمريكي على رؤى رئيسه الجديد قراءة حصيفة وواعية، فعواقب المكابرة والمناكفة مع تلك الإرادة ستكون وبالاً على مرتكبيها.




يوسف عبدالحميد الجاسم
&<634;&<632;&<633;&<638;/&<633;&<633;/&<633;&<633;