الهبوط الآمن

تأزمت الأوضاع  أو كادت أن تصل حد الصدام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بشأن ثلاثة قضايا، حيث شهدنا إصطفافات نيابية  كلٌ في خندق مضاد للآخر، وذلك بشأن إقالة وكيل الصحة أو قبول استقالة وزيرها ، ومن ناحية أخرى بشأن تعديل تشريعي يجيز إسباغ درجة ( وزير) على وكيل وزارة الداخلية ليستمر في منصبه وكيلا مدى الحياة، فاشتعلت التهديدات من الفرق النيابية في مواقفها المتضادة من هاتين المسألتين ، ففريق سيستجوب رئيس الوزراء إن
غادر ذاك الوزير وبَقى وكيله، وآخر سيستجوب إن أقيل الوكيل، وفِي الجانب الآخر تصاعدت التهديدات إن تم تعديل القانون لصالح  وكيل الداخلية !!
أما القضية الثالثة فهي ربط استجواب رئيس الوزراء بإعادة  الجناسي إلى من سحبت منهم.


وتصاعدت سخونة الصفيح تحت أقدام البلد  حتى تم الهبوط الآمن المتمثل بمغادرة الوكيلين بهدوء، ليكفي الله السلطتين شر القتال والكويت شرور عدم الاستقرار، وكذلك برشة الماء البارد فوق الأنفاس اللاهثة بواسطة الموقف الأبوي لحضرة صاحب السمو الأمير حين فتح  باباً للأمل بحل هذه القضية الشائكة التي خيمت غمامتها ولا تزال على البلاد، وإشارته  إلى إمكانية إيجاد مخرجاً قانونيا لهذه القضية عبر التقرير الذي سيرفعه رئيسا المجلس والحكومة للمقام السامي للتوجيه بما يراه مراعيا لسيادة القانون وحفظ هيبة الدولة من جهة ورفع المعاناة عن نفوس من تم سحب جناسيهم من جهة أخرى استلهاما لقاعدة العفو عند المقدرة.
إن هذه المكرمة تقف دليلا مضافا على أيادي صاحب السمو البيضاء كقائد للأعمال الإنسانية.

 

 



العبرة مما تقدم تتمثل في نظري بجانبين هامين:

الأول  حكمة وحنكة القيادة العليا للبلاد بنزع فتائل الاشتعال ، والثاني نعمة الرقابة الشعبية على القرارات  والممارسات الحكومية سواء ما تعلق منها بتولي الوظائف القيادية، أو ما اتصل منها بالقرارات ذات الطابع السيادي أو ما تعلق بملاحقة الفساد الإداري والمالي  في الأجهزة الحكومية والسعي نحو تحقيق الإصلاح المنشود.
وتبقى مسألة في غاية الأهمية وهي مسائلة مرتكبي أوجه الفساد بعد التحقيق معهم ومعاقبة المدان منهم، وهذا ما تنبه له مجلس الأمة مشكورا حين شكل لجنة للتحقيق بأطنان مخالفات وزارة الصحة في عهدها السابق، خاصة مات علق بالهدر الملياري والأخلاقي والقٍي&<619;مي في قضية العلاج السياحي بالخارج والذي استخدم كوسيلة لتنفيع بعض النواب الحاليين والسابقين على حساب المال العام ، فضلا عن الإخلال بموازين العدالة بين من يستحق أو لا يستحق العلاج وهذه قضية في غاية الخطورة نظرا لخرقها مبدأ العدالة الدستورية والربانية   واتصالهما بمسؤولية الدولة عن وقاية صحة البشر.


إننا نأمل من لجنة التحقيق البرلمانية أن تحدد سقفا زمنيا قصيرا لأعمالها ورفع تقريرها البات للمجلس ، كي لا يكون مصير هذه اللجنة كمصير غيرها من لجان التحقيق التي استخدمت عامل الزمن وسيلة لبعثرة الحقائق فيما سعت للتحقيق فيه، ومضى كل المعنيين بالمسائلة إلى غاياتهم وحال سبيلهم دونما حساب أو عقاب، إلا لموظف وافد هارب من البلاد!! أو لفراش مسئول حكومي تم إبعاده ! همسه:
الحمد لله على سلامة وعودة فنان الكويت القدير الأستاذ عبدالعزيز المفرج          (شادي الخليج)  من رحلة علاجه الطويل وقرت عيون الكويت بأبي علي.

 


يوسف عبدالحميد الجاسم

10مارس2017