زمن الاستباحة

ما يجري عبر وسائل التواصل الاجتماعي من استباحة غير معهودة في المجتمع الكويتي متمثلة بتناول شخوصا بالتشكيك بانتمائها الوطني  بالرغم من مكانتها المقدرة واعتبارها الشخصي الرفيع و بالرغم من دورها البارز في خدمة الوطن والتفاني من أجله، إنما يعد لونا جديدا من ألوان الانحدار بالأسس التي تقوم عليها اللحمة المجتمعية التي نشأت عليها الكويت، وانتهاك لكرامات الناس، وإشعال حربا بين أبناء المجتمع لن تقل خطورة عن الغزو العراقي بما استخدمه من أدوات تدميرية ويبدو أنها قادت إلى أدوات أكثر فتكا لأنها تقوم على التطاحن بين الناس واستباحة الطعن بالآخرين عبر وسائل تم اختراعها للتواصل لا للاقتتال الاجتماعي.

الخشية تتمثل باحتمال مرعب وهو تحقق مقولة وزير خارجية الغزو العراقي طارق عزيز بعد طرد العراق من الكويت وتحريرها من ربقة الإحتلال حين قال: (سنترك  الكويتيين فخارا يكسر بعضه وستسقط الكويت من جديد كتفاحة مهترئة بيد العراق(!!!
 
هكذا قال أعداء الكويت فهل نعاونهم بتحقيق رؤاهم بما نمارسه
من نهش بلحوم بَعضنا بعضا حول شتى القضايا وكأننا فرحين يتهيأ وسائل التواصل الاجتماعي بين أيدينا لكي نبتدع أكثر أساليب سوء استخدامها
ضمن  استخدامات شعوب العالم كافة!؟ إننا حققنا مع عميق الأسف درجات متقدمة بقبح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من خلال استباحة أعراض وكرامات بعضنا بعضا بكل موضوع وقضية، وتسابقنا لإعادة إرسال أي خبر فضائحي بغض النظر عن صدقيته ومجهولية مصدره سعيا للتشفي والمباهاة بالسبق،  وحقق المدونون الممتهنون الأخبار الفضائحية ومحترفي التعريض بكرامات البشر أعلى أعداد المتابعين وأصبحوا هم القدوات والملهمون حيث تكفيهم حدة  تشويه سمعة شخص ما أو أسرة أو عائلة أو مسؤول هنا أوهناك، للحصول على لقب المدون الأبرز والأكثر تأثيرا بين ( البلوقرز!! )


تفّوقنا على سوانا بتلك الاستباحات مع عميق الأسف وتخلفنا عنهم في شتى الميادين العلمية والإنجازية وكأننا نستعجل دمارنا بالعنف السلوكي والاقتتال البيني والتراشق بين هذا المعسكر أو ذاك بأساليب مليئة بالتحقير وخالية من التوقير، ولَم يعد هناك احترام لسن أو مقام أو اعتبار، وأذكينا فنون العنف اللفظي واليدوي بدءا من البرلمان وانتهاء بالمدارس والشوارع، وتخصصنا بخلط الأوراق والانتحاء بأهم القضايا مناحي فرعية سعيا نحو تسجيل النقاط بالحق وبالباطل ضد من نعتبره خصما،  وكأن  التدوين في صفحات التويتر والفيسبوك والسناب شات هو عنوان الحقيقة لا أحكام القضاء!!

وآخر أمثلة خلط الأوراق تمت بالتعريض بأسماء كويتية كريمة قفزاً على قضية ازدواج الجنسية وتزويرها بأعداد بلغت حوالي ربع عدد الكويتيين بأسرهم، كما جاء في مداخلة رئيس مجلس الأمة بجلسة التصويت على تعديل قانون المحكمة الإدارية الأسبوع الماضي، والتي شحذت الوعي العام بمخاطر الظاهرة وضرورة
تداركها لاستعادة التوازن المفقود في التركيبة السكانية لمواطني
هذه الأرض بين مستحق ومزدوج أو مزوّر، ومحاسبة من سهّل التزوير وغض النظر عن الازدواجية من المسؤولين الحكوميين وأوصل البلاد إلى هذا المنزلق الخطير.

إننا نتطلع إلى ضرورة انتصار البرلمان لحقوق الدولة  المهدورة بالتضخم غير المنطقي بأعداد الكويتيين واستباحة من لا يستحق لحقوق وامتيازات المستحقين من المواطنين الحقيقيين، فضلا عن ضرورات الحفاظ على الهوية الوطنية من التآكل  وكفانا استباحة لقيمها الراسخة الأصيلة، وهذا هو الأهم.



يوسف عبدالحميد الجاسم
&<634;&<632;&<633;&<639;/&<636;/&<634;&<633;